أيها المعلمون، التصحيح الآلي للمقالات يطرق الأبواب. كيف ذلك وماذا بعد؟

مقدمة
في هذه المدونة، أود التركيز على استخدام معين للذكاء الاصطناعي ألا وهو قدرته على إسناد الدرجات بشكل آلي على النصوص والمقالات. أستخدم كلمة "مقال" لأغطي نطاقا واسعا من المحتويات التي يكتبها الطلاب ويقدمونها لمعلميهم. تشمل هذه النصوص الفقرات التي يكتبها الطلاب لتحديد كفاءتهم اللغوية، , والإنشاء، والتعبير، وأوراق البحث، ومقالات الرأي، والنصوص، والمدونات، والتقارير، والملخصات، ومشاريع التخرج، وأطروحات الماجستير والدكتوراه غيرها مما ينتجه الطلاب أو كل من يتم اخضاعه لاختبارات الكتابة قصد تحديد الأداء أو اتخاذ قرار ما بشأنه. وقد جرت العادة أن ما يقع عبء تصحيح هذه النصوص وإسناد عدد أو درجة على عاتق المعلمين والأساتذة، أما الآن، فقد اختلف الأمر وأصبح بوسعنا أن نكلف البرمجيات الذكية بهذه المهمة وهذا ما يسمى التصحيح الآلي للمقالات أو تصحيح المقالات المعزز بالذكاء الاصطناعي.
فقد أضحى الذكاء الاصطناعي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء كنا معلمين، أو طلابا، أو ولاة أمور، أو جهات تعليمية، أو مؤسسات تربوية، أو باحثين، أو غير ذلك. كتبت في مواقع أخرى حول تأثير الذكاء الاصطناعي على منظومة التعليم بشكل عام ويمكن تلخيص ذلك في قولنا إن أثر الذكاء الاصطناعي على التعليم ليس أقل من تسونامي جارف، ولكني سأكتفي هذه المرة بالتركيز على التقييم الآلي للمقالات وإسناد درجات عليها وهي تعتبر من بين أهم وظائف المعلمين.

صورة لأستاذ يرجع أوراق الاختبار لطلابه بعد أن تولى تصحيحها بنفسه. من انتاج pexels.com
أسئلة
إليك بعض الأسئلة التي تخطر على بالنا ونحن نتأمل هذا الواقع الجديد: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المعلمين في تقييم المقالات؟ كيف ذلك؟ ما ميزان الفائدة والمضرة المتأتيتين من ذلك؟ هل سيوفر انتقال هذه المهمة من المعلمين إلى التطبيقات الذكية المزيد من الوقت للمعلمين ليقدموا تعليما أكثرا إبداعا؟ إلى أي مدي يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أكثر دقة وعدالة في تقييم مقالات الطلاب من المعلمين؟ هل ستظل كتابة المقال مهارة مهمة في البرامج الدراسية؟ أخيرا، وبناءً على هذه التطورات، ما المستقبل الذي يحمله الذكاء الاصطناعي لنا في ميدان التربية والتعليم وحتى خارجه؟
ليس القصد من هذه الكلمات أن أقدم لكم وعدا بالإجابة على كل هذه الأسئلة، ولكني أرغب فقط في التدليل على أن الذكاء الاصطناعي قادر تماما تصحيح المقال وإسناد درجة عليه. كما أريد أن أسلط الضوء على بعض الفوائد التي سنجنيها من هذا التطور وإثارة بعض الاحترازات من هذا التحول من وجهة نظري كمعلم، وولي أمر، ومراقب، وباحث.
الآلية التي يعتمدها ChatGPT في تقييم المقالات وإسناد الدرجات
يطرح الأستاذ موضوع كتابة على الطلاب. على سبيل المثال: اكتب مقالًا قصيرًا تعبر فيه عن أفكارك حول الاحتباس الحراري. ناقش أسبابه وتأثيراته، وبين ما يمكن أن يقوم به الأفراد والدول والمنظمات لمعالجة هذه المسألة. دعم أفكارك بأمثلة.
يتولى الطلاب هذه المهمة الكتابية ويقدمون مقالاتهم للمصحح. إليك مقالين توضيحيين، الأول تشوبه أخطاء محدودة والثاني فيه نقائص أكثر.
المقال الأول:
الاحتباس الحراري مشكلة حقيقية يعاني منها الكثير من البلدان. مثلا، انظر إلى الارتفاع التي شهدته درجات الحرارة في هذا الصيف. إنه أمر عجيب. لسنا ندري على وجه الدقة أسباب هذا الارتفاع ولا نعرف تأثيراته بالضبط. نحن نرى فقط أن الحياة أصبحت صعبة وقد ماتت أو ذبلت الكثير من الأشجار التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية. أما الأمطار فقد غاب وهناك نوع من التصحر أصبح تكتسح مساحات تزداد مع كل عام. بخصوص الحلول، فإنه ليست متاحة. فماذا يمكنني أن أفعل أنا على مستواي الشخصي؟ هل لدي القدرة إلى تغيير هذا الوضع؟ وهل للمنظمات أو الحكومات القدرة على التحكم في هذا التغير. لا أظن ذلك، وتبقى المسألة مطروحة إلى أن تسوء الأوضاع أو ربما تتحسن.

الصورة الثالثة: برمجيات ذكاء اصطناعي تولت إسناد درجة على مقال من إنجاز طالب. ــ انتاج https://labs.openai.com/
المقال الثاني:
بدأت وسائل الإعلام تتناول مسألة الاحتباس الحراري منذ عقد أو أكثر. قبل ذلك، لم يخبرني والداي عن هذه المشكلة، بل كانا يقولان أن الطقس كان جيد وكانت الوديان في المنطقة التي أسكنها تسيل كلما نزلت الأمطار، كما كانت المحاصيل الزراعية وافرة. أما الآن، فقد تغيرت الأوضاع وأصبحنا نمر في بظروف صعبة في بيوتنا وزراعتنا وتنقلنا وحتى تنفسنا.
في هذا المقال، سأتناول موضوع الاحتباس الحراري وأتطرق إلى ثلاثة عناصر أراها مهمة، ألا وهي أسباب هذا الاحتباس وتأثيراته وما بوسعنا القيام به لتصحيح الأمور والحيلولة دون تفاقم هذه المعضلة.
من باب المنهجية، أريد قبل ذلك أن أقدم تعريفا سريعا للاحتباس الحراري. يتمثل الاحتباس الحراري في ارتفاع مشهود لدرجات الحرارة اختلفت معدلاته في السنوات العشرة الماضية عما كانت عليه في القرن الماضي. يقال إنه في صورة ما إذا ازدادت درجات الحرارة بنسبة 2.5 عما كانت عليه وبشكل مطرد، فإن ذلك يعني أن التغير حقيقي وستكون له تأثيرات واضحة لا تخفى على العين.
أمرّ بعد هذا التعريف إلى الأسباب والمسببات لما أصبح يعرف بالاحتباس الحراري. على حد علمي، السبب الرئيسي هو الثورة الصناعية التي بدأت في القرن السابع عشر. عندما بدأ الانسان يستخدم أنواعا ملوثة من الطاقة مثل الفحم الحجري والبترول في المعامل والمحركات وتدفئة البيوت، كثر استهلاك المحركات للهواء وأصبحت ينتج كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون الذي يرتفع إلى طبقات الجو العليا ويحتبس هناك ويخلق نوعا من التلوث أو السحاب الذي يحجب أشعة الشمس ويضر بطبقة الأوزون التي تحمي الأرض. هناك تشعبات أخرى للموضوع لست ملما بها، ولكنها تتمثل في المنافسة الشديدة بين البلدان المصنعة وبلدان ناشئة تريد أن تلتحق بركب الدول الصناعية الكبرى.
في ظل هذا التنافس، تتلاحق التغيرات وتتجلي في الكثير من المجالات التي لا يسعني المجال ذكرها. لكن هناك ظواهر لا يمكن أن تغيب عن الغين. أول ما يتبادر إلى الذهن هو تغير المناخ وشح الأمطار والنقصان الواضح في المياه الجوفية. كما أن هناك مدن داخلية أصبح العيش فيها صعب بمفعول الحرارة المرتفعة التي تبلغ الخمسين درجة مئوية أو تفوت. حتى المكيفات لم تعد قادرة على العمل بشكل فعال من كثرة استخدام الأهالي لها، هذا إن وجدت أصلا. أما الزراعة، فحدث ولا حرج. فالكثير من الأشجار كانت تعيش في الماضي على كميات شحيحة من المطر، أما الآن، فقد اختفت الأمطار أو قلت بشكل ملحوظ ونتج عن ذلك نقصانا حادا في المواسم سواء كان الامر يتعلق بالخضروات أو الفواكه أو الأشجار الأخرى. كما لا يفوتنا أن نتحدث عن ذوبان الثلوج وما سببه من ارتفاع كميات الماء في البحار وذلك من شأنه وضع بعض المدن في موضع خطير قد يكون مآلها الانحصار أو ربما الاندثار وحتى الغرق.
البعض يتحدث عن الحلول. أما أنا فأكاد أكون متشائما. لا أرى حلول لهذه المسألة وأعتقد أن الاحتباس الحراري سوف يتواصل بطريقة قد تجعل هذا الكوكب غير صالحا للعيش.
يطلب المعلم من برنامج الذكاء الاصطناعي المستخدم في هذا المقال أي ChatGPT إنشاء مصفوفة لتقييم المقال وإسناد درجة على كل من المقالين أعلاه. تشتمل المصفوفة على العناصر التالية: تحديد الهدف من المقال، إدراج المنهجية في المقال، وثراء المفردات، السلامة النحوية، الحديث في صلب الموضوع. يحصل بموجب هذا التقييم أحسن مقال على 100 نقطة، مع تخصيص حد أقصى قدره 20 نقطة على كل عنصر من عناصر المصفوفة. ينبغي أن تغطي المصفوفة المستوى المبتدئ، والمتوسط المنخفض، والمتوسط، والمتوسط المرتفع، والمتقدم.
ينتج ChatGPT 3.5 المصفوفة التالية لتقييم المقال:

الجدول 1: مصفوفة تقييم مقال مكتوب من إنتاج برنامج ChatGPT 3.5
5. يطلب المعلم من برمجيات ChatGPT تقييم المقالين وإسناد درجة على كل منهما وتقييمها.
تقييم ChatGPT للمقال الأول:
·تحديد الهدف من المقال: الطالب يقدم هدفًا واضحًا للمقال في البداية ويقدم نظرة عامة على المشكلة وتطورها. هذا يعزز التركيز على الموضوع. الدرجة: 16 نقطة
إدراج المنهجية في المقال: الطالب يقوم بتوضيح المنهجية المستخدمة لتناول الموضوع، بداية من تعريف الاحتباس الحراري ومرورًا بأسبابه وتأثيراته. الدرجة: 20 نقطة
·ثراء المفردات: الطالب يستخدم مفردات متنوعة وغنية، ويقدم مصطلحات تعكس فهمًا جيدًا للموضوع. الدرجة: 12 نقطة
السلامة النحوية: النص يحتوي على بعض الأخطاء النحوية والتركيبية، لكنها لا تؤثر بشكل كبير على فهم المعنى العام. الدرجة: 8 نقاط
· الحديث في صلب الموضوع: يقدم الطالب تفصيلًا جيدًا حول موضوع الاحتباس الحراري ويعرض أسبابه وتأثيراته ويربط ذلك بتغير المناخ وتأثيره على البيئة. الدرجة: 16 نقطة
·المجموع الكلي: 72 نقطة من 100
·
تقييم ChatGPT للمقال الثاني
·تحديد الهدف من المقال: الطالب يشير إلى الهدف العام للمقال، ولكن بشكل غير واضح، ويقدم مقدمة عامة عن الاحتباس الحراري. الدرجة: 8 نقاط
·إدراج المنهجية في المقال: الطالب يعطي لمحة سطحية عن المنهجية المستخدمة ويعرض بعض المعلومات العامة. الدرجة: 8 نقاط
ثراء المفردات: النص يستخدم مصطلحات بسيطة، ولكنه يحتاج إلى تنويع أكبر في المفردات واستخدام مصطلحات متعمقة. الدرجة: 4 نقاط
·السلامة النحوية: هناك بعض الأخطاء النحوية والتركيبية في النص، مما يؤثر على وضوح العبارات. الدرجة: 4 نقاط
·الحديث في صلب الموضوع: يشير الطالب إلى المشكلة ويقدم بعض الأمثلة، ولكنه لا يتطرق بتفصيل إلى أسباب الاحتباس الحراري أو تأثيراته. الدرجة: 8 نقاط
·المجموع الكلي: 32 نقطة من 100
تقييم المقالات المعزز بالذكاء الاصطناعي: الإيجابيات
تجدر الإشارة أولا إلى أنه بإمكانك كمعلم ومصحح أن تراجع المصفوفة كما تريد أو طبقا اللوائح والقوانين الخاصة بالمؤسسة التي تنتمي إليها أو بالاختبار الذي تنجزه. بإمكانك تخصيص درجات مختلفة على كل عنصر من عناصر المصفوفة وبإمكانك الإضافة إليها أو اختصارها في ثلاثة أو أربعة بنود. وإن رأيت إجحافا في درجة ما، يمكنك تغييرها كيفما شئت. وعلى العموم، يمكنك تصحيح مجموعة من المقالات بنفسك ومن ثم عرض نفس المجموعة على البرنامج ومقارنة معطيات التصحيح البشري بالتصحيح الآلي وتحوير طريقة تصحيحك أو تصحيح البرنامج بحيث يكون هناك تناغم في الدرجات يجعلك أكثر اطمئنانا وموثوقية. وفي كافة الأحوال، أعتقد أنك قد توافق على الاستنتاجات التالية:
فيما لو قمت بتصحيح يدوي لعشرين مقالا، سيستغرق منك الأمر على الأقل ثلاث أو أربع ساعات. وإن كان لديك ثلاث فصول دراسية إضافية من هذا النوع، ستكون قد قضيت ما لا يقل عن 12 ساعة لإنهاء هذه المهمة. لاحظ أنه بمقدور لذكاء الاصطناعي أن ينجز هذه المهمة في دقائق - أو حتى أقل.
فيما لو قبلت باستخدام ChatGPT كشريك co-pilot، ستكون قد وفرت على نفسك وقتا هاما يمكنك توظيفه للقيام بمهام تعليمية أخرى وبشكل أكثر إبداعا.
في مقدورك توظيف الذكاء الاصطناعي لتصحيح وتقييم كافة أنواع الواجبات وفي كافة الاختصاصات وعليه، فما أوردته هنا يمكن أن يصلح في مواطن أخرى كالرياضيات والجغرافيا والتاريخ والفلسفة وعلوم الأحياء والهندسة والبرمجة الحاسوبية واللغة، والأسئلة ذات الأجوبة المتعددة، إلخ...

أستاذ يتولى تصحيح اختبار ذي أسئلة متعددة الجواب. من إنتاج pexels.com
الذكاء الاصطناعي في وضعه الحالي برنامج بسيط لم يصل بعد إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي العام Artificial General Intelligence (AGI). وعليه، فالذكاء الاصطناعي لا يعرف للملل، أو التعب، أو العضب، أو الجوع، أو الرغبة في النوم، وهو فعليا قادر على تقويم كل المقالات، وليست له التزامات شخصية أو عائلية أو اجتماعية.
بناءً على طبيعته، سيساعدك الذكاء الاصطناعي في أداء مهام تدريسية عديدة أخرى كتجهيز توصيف للمادة، وتحضير خطة الدروس، وتأليف المادة البيداغوجية ورصد تقدم الطلاب، وكتابة التقارير، وكتابة تقارير استنادًا إلى تحليلات التعلم Learner analytics، والرد على رسائل البريد الإلكتروني، وما إلى ذلك.
كإنسان يتولى عملية التقييم، قد تكون لديك انحياز لطالب أو طالبة ما. على سبيل المثال، قد ينال مقال كتبه طالب في بداية الفصل إعجابك وبداية من ذلك الانطباع الإيجابي الأولي، تظل متأثرا بذلك الأداء المتميز وتظل تسند درجات عالية إلى عمل ذلك الطالب بغض النظر عن أدائه لاحقًا. الذكاء الاصطناعي لا يعرف التحيز بهذا المعنى وسوف يقوم بتقدير عادل ومتسق، ويظل يستند إلى المعايير والأوزان التي اعتمدتها.
ماذا بعد تقييم المقالات بواسطة الذكاء الاصطناعي
أطللنا بعجالة على مزايا التقييم الآلي للمقالات، ولكن ذلك لا يعني أنه ليس ثمة أسئلة حارقة يجب طرحها والاستنارة بها من الآن. سيدرك المعلمون وأنا أحدهم أن الذكاء الاصطناعي فيه ما فيه من المفاجآت التي تلفت الأنظار لكنه في عديد جوانبه يتضمن اعتبارات أخلاقية ومهنية ووجودية يجب أن نضعها في الميزان:
تشتمل وظيفة المعلم على النقاط من 1 إلى 6 أعلاه وما هو أكثر من ذلك. وإن كان بإمكان الذكاء الاصطناعي أن "يأخذ على عاتقه" هذه الجوانب التدريسية، فإننا نستنتج أنه لم يبق للمعلم الكثير مما يمكنه القيام به وأنا هنا أشير إلى مستويات التعليم الأربعة: الابتدائي، والمتوسط، والثانوي، والعالي.
خلال الأشهر أو السنوات القليلة القادمة، ومع اقتراب الذكاء الاصطناعي من اكتساب ميزات الانسان أو حتى تجاوزها The Singularity، سوف يكون واردا أن تتولى عملية التدريس روبوتات لها القدرة على التواصل مع البشر بشكل شبه طبيعي وانسيابي بداية وهي صبورة، وموهوبة، ومجانية، باستثناء تكلفة الطاقة الكهربائية والصيانة الدورية.
مع إمكانية اضطلاع الذكاء الاصطناعي بحيز غير هين من المهام التدريسية، يمكن أن تقرر المؤسسة التعليمية والمديريات الجهوية والوطنية للتعليم الاستغناء عن عدد من المعلمين وتترك للبعض الآخر مهمة تسيير عملية التعلم والتعليم.
ومن باب تحمل المسؤولية الأخلاقية، علينا أن نتساءل عن كيفية تعايشنا كبشر معمرين لهذا الكوكب مع الذكاء الاصطناعي. فإن كان بإمكان الذكاء الاصطناعي في وضعه الحالي أن يحل محل المعلمين، فمن المرجح جدًا أن يكون قادرًا على وضع الملايين على لائحة البطالة، فيما سيأتي من السنين. وإن كان الأمر كذلك، فكيف ستتولى مؤسسات الحكم تغطية مصاريف البشر وتنظيم أسس التعايش مع لتنظيم الذكاء الاصطناعي بحيث يبقى الانسان سيد نفسه ولا ينقلب السحر على الساحر.
تحديدا، من سيتكفل بصرف الرواتب إن وجدت ودفع فواتير الماء والكهرباء والانترنت والوفاء بأجار البيت، وتكاليف المعيشة أكلا، ولباسا، وصحة، وترفيها؟
ما هو مآل الحديث الدائر حاليا حول ما يسمى بالدخل الأساسي العالمي Universal Basic Income (UBI)؟ هل سيتم تقنينه ودسترته أم هو مجرد حقنة تخدرنا بها شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة؟
إذاً، الآن وقد استوعبنا تمظهرات الذكاء الاصطناعي وتأثيراته، علينا طرح أسئلة وجودية أكثر عمقا: من الذي سيتولى تدريس أطفالنا وأحفادنا؟ بشر أم روبوتات؟
وإن حدث وتولى الذكاء الاصطناعي مسؤولية تدريس أجيال المستقبل، كيف لنا أن نمحو التحيزات المدمجة في الذكاء الاصطناعي التي قد تميز ضد أطفالنا؟ وماذا عسانا نفعل لتغذية الذكاء الاصطناعي بما يكفي من المناظير الشاملة التي لا تميز ضد عرق، أو لون، أو جنس، أو لغة، أو دين، أو مذهب، أو ثقافة؟

مواطن يفكر في الشأن التربوي في علاقته بالذكاء الاصطناعي: https://labs.openai.com/:
ختاما
أريد أن أذكر في نهاية حديثي بأن الحاسوب والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والشبكة 2.0 ولجت حياتنا قبل عشرين سنة ونيفا وما هي سنوات قلائل إلا اكتسحت حياتنا اليومية. لن يكون الأمر كذلك بالنسبة للذكاء الاصطناعي من شاكلة ChatGPT وأخواته. بشكل رسمي حل هذا البرنامج بيننا في الثلاثين من شهر نوفمبر 2022 والآن أضحى خبزنا وماءنا وهواءنا اليومي. استضفناه وهناك من يزعم أننا سنكون في ضيافته بعد وقت وجيز عندما يظهر فعليا في شكل الذكاء الاصطناعي العام Artificial General Intelligence (AGI) ومن بعده الذكاء الاصطناعي الخارق Artificial Super Intelligence (ASI) . وعليه، وجب علينا التفكر في أمره وخلق الأطر القانونية والأخلاقية والاجتماعية والتكنولوجية له والاستعداد له كل من منطلق اختصاصه وجميعنا من منطلق مسؤوليتنا الأخلاقية.
وما كتبته هنا ليس من باب التهويل ولا من باب الحنين إلى ماض ولى، والتوضيح الذي قدمته بخصوص قدرة الذكاء الاصطناعي على تصحيح المقالات والنصوص والاختبارات أيا كان نوعها هو تحصيل حاصل وليس محلا للجدال ولا هو دليل رفض له. وإن أردت أيها القارئ المزيد من التفصيل، فلا تتردد في ترك تعليق أو رسال هنا أو على بريدي الالكتروني araddaou@uwyo.edu